اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حتى أَلْقَوْا أَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ بُرْدَةً وَثَلَاثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ ولا يَطْرَحُونَ شيئا إلا جَعَلْتُ عليه آرَامًا من الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ حتى أَتَوْا مُتَضَايِقًا من ثَنِيَّةٍ، فإذا هُمْ قد أَتَاهُمْ فُلَانُ بن بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ،"يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ"، وَجَلَسْتُ على رَاسِ قَرْنٍ قال الْفَزَارِيُّ: ما هذا الذي أَرَى؟ قالوا: لَقِينَا من هذا الْبَرْحَ، والله ما فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتى انْتَزَعَ كُلَّ شَيْءٍ في أَيْدِينَا. قال: فَلْيَقُمْ إليه نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قال: فَصَعِدَ إلي منهم أَرْبَعَةٌ في الْجَبَلِ قال: فلما أَمْكَنُونِي من الْكَلَامِ قال: قلت: هل تَعْرِفُونِي؟ قالوا: لَا، وَمَنْ أنت؟ قال: قلت: أنا سَلَمَةُ بن الْأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنْكُمْ إلا أَدْرَكْتُهُ ولا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكَنِي قال أَحَدُهُمْ: أنا أَظُنُّ. قال: فَرَجَعُوا فما بَرِحْتُ مَكَانِي حتى رأيت فَوَارِسَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قال: فإذا أَوَّلُهُمْ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ على إِثْرِهِ أبو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بن الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ قال: فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الْأَخْرَمِ قال: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قلت: يا أَخْرَمُ أحذرهم لَا يَقْتَطِعُوكَ حتى يَلْحَقَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ قال يا سَلَمَةُ إن كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ قال فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هو وَعَبْدُ الرحمن قال: فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرحمن فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عبد الرحمن فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ على فَرَسِهِ وَلَحِقَ أبو قَتَادَةَ فَارِسُ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ الرحمن فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو على رِجْلَيَّ حتى ما أَرَى وَرَائِي من أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ولا غُبَارِهِمْ شيئا حتى يَعْدِلُوا قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فيه مَاءٌ يُقَالُ له ذا قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا منه وَهُمْ عِطَاشٌ قال: فَنَظَرُوا إلى أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فحليتهم عنه يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عنه فما ذَاقُوا منه قَطْرَةً قال: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ قال: فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهم فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ قال: قلت: خُذْهَا.
وأنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
قال: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ قال: قلت: نعم، يا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ قال: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ على ثَنِيَّةٍ قال: فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فيها مَذْقَةٌ من لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فيها مَاءٌ فَتَوَضَّاتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَّ