كلاهما من أهل الحيرة قال له عدي أيها الملك كلهم شريف محتمل ولكن فيهم فتى من أهل بيت ملك لا أراهم يرضون بملكه عليهم قال وكيف ذاك لا يرضون بما أفعل قال من قبل أن أمه فارسية وهم يأنفون أن يملكهم ابن فارسية ولم تكن أم النعمان فارسية إنما هي غسانية ولكن عدي إنما أراد أن يكيد له للذي من الصداقة فأغضب كسرى وقال ما عيبه عندهم إلا أن أمه فارسية فإني لا أملك غيره فعقد له وملكه فلما فرغ قال النعمان لعدي أخرج معي فأجعل الخاتم في يدك ويكون الأمر أمرك قال له عدي إني أخاف إن فعلت أن يفطن كسرى لما صنعت ولكن أخرج وسوف ألحقك فكان كذلك فمكث بعده شيئا ثم لحقه فوفى له النعمان فجعل الخاتم في يده وكان الأمر أمره فمكث بذلك ما مكث وكان بنو بقيلة معادين لعدي فركب النعمان ذات يوم فقال له عدي إنك ستمر ببني بقيلة ويعرضون عليك أن تنزل عندهم وتأكل طعامهم وأنت إن فعلت لم أقم معك ساعة وانصرفت إلى كسرى فقال النعمان فإني لا أدخل إليهم ولا آكل طعامهم فلما مر بهم تلقوه وقالوا أيها الملك أكرمنا بنزولك إلينا ودخولك منزلنا فتأبى عليهم فقالوا ننشدك الله أيها الملك أن تورثنا سبة ما عشنا وعارا في الناس فلم يزالوا به حتى نزل إليهم وأكل من طعامهم فلما بلغ ذلك عديا انصرف إلى منزله فلما رجع النعمان قال أين عدي قالوا ذهب إلى منزله قال فادعوه فأبى أن يجيب فأغضب النعمان فقال لمن عنده من جنده ومن حشمه ائتوني به ولو سحبا فذهبواه فسحبوه فلم يبلغوا به حتى أثروا به آثارا قبيحة فلما رآه النعمان عرف أن فساده عند كسرى إن رآه على تلك الحال فأمر به إلى السجن فمكث في السجن زمانا يقول الشعر فقال عامه ما قال من أشعار في السجن ثم بلغ كسرى ما صنع به فأرسل أمناء من عنده فقال انطلقوا فإن ان عدي على ما بلغني ائتوني بالنعمان في الحديد وإن كان غير ذلك فأعلموني كيف كان فراع ذلك النعمان فأسرى على عدي فقتله ثم دفنه فلما جاء الأمناء قالوا أين عدي قال هيهات هلك عدي منذ زمان فصار عدي بن عدي كاتبا لكسرى بالعربية مكان أبيه وأرضى النعمان الأمناء بشئ فانصرفوا عنه فعفوا عنه وذكر المفضل الضبي أن عديا كان له أخ أسمه أبي وكان عند كسرى فكتب إليه عدي يخبره بما جرى له فأخبر كسرى بأمره فوجه كسرى رسولا إلى النعمان يأمره