الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد اعتنى المسلمون في جميع تخصصاتهم بالقرآن الكريم أشد عناية، كيف لا وهو المصدر الأول من مصادر التشريع، وهو دستور هذه الأمة، وقد تنوعت أوجه العناية به، ومن تلك العناية ما قام به العلماء من جميع المذاهب بجمع أحكامه الفقهية بمؤلفات خاصة، مبسوطة ومتوسطة ومختصرة، وقد شرفني المولى الكريم بتأليف (بلوغ المرام من آيات الأحكام)، وقصدت به السير في ترتيب أبوابه ترتيب الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام، وقد بدى لي خدمة القرآن وأحكامه ببيان مآخذ تلك الأحكام المستنبطة من آيات الأحكام الواردة في مؤلفي بلوغ المرام، وكتبت هذه التعليقة أرجو من الله أن تلقى قبولاً، وتكون نافعة في بابها، وأسميتها:(فتح العلام في بيان مآخذ الأحكام).
ثم إن المقصود بالمآخذ هنا: هي الأصول التي أخذت منها أحكام المسائل الجزئية، وهي تشمل القواعد الأصولية، والفقهية، والمقاصدية، وجُلُّ تلك المآخذ الواردة في هذا المؤلف محصورة في القواعد الأصولية، لضرورة إظهارها، وأهمية مكانها في الاستنباط، فإن كل فقه لم يبن على الأصول فليس بفقه.
والحديث عن أهمية معرفة مآخذ الأحكام مما يطول ذكره، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، ودونك بعض ما قاله المحققون الأوائل في ذلك: