قال الله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣]
استدل بالآية على مشروعية الجماعة، على خلاف في كونها سنة مؤكدة، أو فرض كفاية، أو فرض عين، والمعنى: صلوا مع المصلين.
ومأخذ الحكم: الأمر في قوله: ﴿وَارْكَعُوا﴾ مع لفظ ﴿مَعَ﴾ وهو من حروف المعاني الدّالة على الجماعة. والأصل حمل الأمر على بابه، وهو حجة لمن قال بوجوب صلاة الجماعة، وسيأتي مأخذ من قال بأنّه على الأعيان في الآية الآتية.
قال القرطبي:«قوله تعالى: ﴿مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾: ﴿مَعَ﴾ تقتضي المعيّة والجمعيّة؛ ولهذا قال جماعة من أهل التّأويل بالقرآن: إنّ الأمر بالصّلاة أولا لم يقتض شهود الجماعة فأمرهم بقوله ﴿مَعَ﴾ شهود الجماعة»(١).
كما أن ضمير الجمع في قوله: ﴿وَارْكَعُوا﴾ يقتضي ذلك، وأقل الجمع ثلاثة.
تنبيه: أطلق المولى ﷾ الجزء وهو الركوع وأراد الكل وهو الصلاة.
وأما تخصيص الركوع بالذكر فللعلماء أقوال:
فقيل: إنه خُصَّ تشريفاً له. وقيل: لأن صلاة بني إسرائيل لم يكن فيها ركوع. وقيل: لأن الصلاة تدرك به، فمن أدرك الركعة فقد أدرك السجدة، فأمر بما يدرك به الركعة.
وذكر ابن الفرس تساؤلاً عن الحكمة من تخصيص الركوع من جميع الصلاة بعد الأمر بالصلاة، حيث قال سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.