للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجاب بما سبق من كون معنى الركوع: الصلاة، أو كون صلاة بني إسرائيل لم يكن فيها ركوع، ثم قال: «وفيه عندي جواب ثالث: أن يكون أراد بالركوع هنا التواضع لله تعالى والتذلل له والانقياد، فيكون ركوعاً لغوياً لا شرعياً» (١).

وعليه فليس فيه دليل على المسألة.

أما القائلون بأن صلاة الجماعة مندوب إليها فجعلوا الأمر مصروفاً بصوارف منها: ما ورد في السّنّة من قوله : (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة) (٢) وفي رواية (بسبع وعشرين درجة) (٣) وكلاهما في الصّحيحين.

قالو: التّفاضل لا يكون إلّا بين شيئين اشتركا في معنى، وتفاضلا فيه، بحيث يكون لأحدهما مزّية على الآخر، وهذا يقتضي كون صلاة المنفرد فيها فضلٌ يقصر عن صلاة الجماعة، وإذا ثبت أن فيها فضلًا، ثبت إجزاؤها والاعتداد بها.

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢]

استدل بها العلماء على وجوب صلاة الجماعة.

ومأخذ الحكم: الأمر الوارد بقوله: ﴿فَلْتَقُمْ﴾ مع حرف: «مع» في قوله: ﴿مَعَكَ﴾ الدّالة على المعيّة والجماعة -كما سبق - وكذا ضمير الجمع في قوله: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ﴾.


(١) أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٦٣ - ٦٤).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (٦١٩).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (٦١٩)، وفي كتاب الجماعة والإمامة، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (٦٢١)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (٦٥٠).

<<  <   >  >>