وقد اختلف العلماء في قيام الليل في حق النّبي ﷺ أكان فرضًا عليه أم لا؟
ومأخذ الخلاف: في معنى (النافلة) في قوله: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ بعد الاتفاق على أن معناها اللغوي الزيادة.
فقيل: المعنى في الآية ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ أي: فريضة زائدة على ما فُرض على الأمة، وعليه فيكون قيام الليل في حقه واجبًا.
ثم اختلفوا في كونه منسوخًا كما سيأتي في آية المزمل، وهؤلاء أيدّوا قولهم بالوجوب بظاهر الأمر في قوله: ﴿فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ وقوله في آية المزمل ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
وقالوا: لو كان المراد بالنّافلة في الآية التطوع لم يخصه ﷾ بكونه نافلة له؛ لأنّ التطوع له ولأمته.
ومن قال بأنّ التهجد مندوب إليه، حمل معنى (النافلة) على النّدب، وقالوا هي حقيقة فيه، وهي من مرادفاته، وجعلوا هذه اللفظة صارفة للأمر الوارد في الآية إلى النّدب؛ لأنّ الفريضة لا تُسمى ندبًا.
وأجابوا عن قولهم: لو كان المراد بالنّافلة التطوع لم يخصه الله سبحانه بذلك.
فقالوا: إنّ تخصيص الرسول ﷺ بذلك؛ لأنّه ﷺ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما يعمله يكون نافلة، أي: زيادة في ثوابه وأجره، وهذا بخلاف غيره من الأمة؛ إذ إنّ النوافل تكون مكفرة وجابرة لما يحصل في الفرض من الخلل والنقص فهذا سرّ التّخصيص.