للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشّيخ محمّد الأمين الشّنقيطي: «آية صلاة الخوف هذه من أوضح الأدلة على وجوب الجماعة; لأنّ الأمر بها في هذا الوقت الحرج دليل واضح على أنها أمرٌ لازم; إذ لو كانت غير لازمة لما أمر بها في وقت الخوف; لأنه عذر ظاهر» (١).

وصلاة الخوف دلّت بطريق الأولى على وجوب الصلاة حال الأمن، فقد سنّ المولى صلاة الخوف جماعة، وسوّغ فيها ما لا يجوز لغير عذر بالاتفاق، كاستدبار القبلة، والعمل الكثير، وكذلك مفارقة الإمام قبل السّلام جاز عند الجمهور، وكذا تخلفه عن متابعة الإمام - كما يتأخر الصّف المؤخر بعد ركوعه مع الإمام إذا كانت العدو أمامهم-.

فقالوا: هذه الأمور تبطل الصّلاة لو فعلت لغير عذر، فلو لم تكن الجماعة واجبة بل مستحبة لكان قد التزم فعل محظور مبطل للصّلاة، وتركت المتابعة الواجبة في الصّلاة؛ لأجل فعل مستحب، مع أنّه قد كان من الممكن أن يصلوا وحدهم صلاة تامة، فعلم أنها واجبة (٢).

تنبيه: استدل العلماء بخصوص هذه الآية على أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان؛ وذلك لأنّه أمره أولًا بالصّلاة في الجماعة بقوله: ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ ثم أعاد هذا الأمر مرّة ثانيّة في حق الطائفة الثّانيّة بقوله: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ فلم يسقطها بفعل الطائفة الأولى.

استدل بالآية على عدم جواز الصّلاة خلف المذياع (٣).


(١) أضواء البيان (١/ ٢٦٣).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٢٧ - ٢٣٩).
(٣) ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة (٨/ ٢١٣) فتوى رقم (٢٤٣٧)، ومجموع فتاوى ابن عثيمين (١٣/ ٤٢)، (١٥/ ٢١٣)، والفقه الميسر (٩/ ٥٢)، فقه النوازل للمشيقح (١٠١)، وإتحاف البرية فيما جدَّ من المسائل الفقهية (٤٥).

<<  <   >  >>