أو ورد في غيره، وذلك لقوله ﷺ(صلوا كما رأيتموني أصلي)(١).
وهذان الحديثان، حديث المسيء لصلاته، وقوله ﷺ:(صلوا كما رأيتموني أصلي) وردا في مقام التّعليم فالحديث الأول يقتضي تعريفه بما يلزم من الواجبات وإلا لزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
أمّا الحنفية: فإنّهم يرون أنّ أوامره ﷺ في الصّلاة ومواظبته على فعل مّا فيها من غير تركٍ لا تدل على الفرضية في الأصل، ولكنها تدل على الوجوب، إلّا إن جاءت بيانًا لفرض مجمل، ولم يدل دليل على عدم الفرضية، ولم يلزم منه تقييد مطلق الكتاب.
ومعرفة الأركان تعرف عندهم في الجملة مما نص عليه القرآن أو السّنة المتواترة قطعية الدّلالة؛ لأنهم يشترطون في الفرضية، أن تثبت بدليل قطعي الثبوت والدّلالة.
أمّا إذا كانت قطعية الثّبوت ظنية الدلالة، أو ظنية الثّبوت قطعية الدّلالة وبهما يثبت الوجوب دون الفرضية.
فالآحاد يدل على الوجوب دون الفرضية، إن كان قطعي الدّلالة، أما إن كان ظني الثبوت والدلالة، فإنّه طريق إثبات السّنة والمستحب، وربما قوي الدليل الظني حتي يصير قريبًا عندهم من القطعي، فيطلقون عليه اسم الفرض، والمراد به الفرض العملي، أي: يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل، وليس هو كالفرض القطعي.
وعودًا إلى ضابط الجمهور الذي سبق أن فيه اضطرابًا، وذلك أن في بعض
(١) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة، برقم (٦٠٥)، وفي كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، برقم (٥٦٦٢)، وفي كتاب التمني، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، برقم (٦٨١٩).