والضرب الثاني: يوافقه في إحدى صفتيه وهي الطهارة، دون التّطهير فإذا خالطه فغيَّره سلبه ما خالفه فيه وهو التطهير، كماء الورد وسائر الطاهرات.
والضرب الثالث: يخالفه في الصّفتين جميعًا، فإذا خالطه فغيَّره سلبه الصّفتين جميعًا لمخالفته له فيهما وهو النجس.
• الحكم الرابع: الماء المستعمل طاهر، إذا كانت أعضاء المتوضئ به طاهرة، وهل يكون مطهراً لغيره؟، من العلماء من قال إنَّه مطهر لغيره.
مأخذ الحكم: أنّه ماء طاهر لا ينضاف إليه شيء، فهو ماء مطلق، أي أنه يندرج تحت اسم الماء المطلق، فيصح التطهر به.
وقيل: بل هو مطلق لا عام، فلا يصح التطهر به.
مأخذ الحكم: ذكر القرافي في فروقه مدركاً وصفه بأنّه وجه قوي حسن، ومدرك جميل، فقال:«وأن قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ وقوله: ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ مطلق في التطهير لا عامّ فيه، بل عامّ في المكلفين، إذا تطهّرنا بالماء مرّة حصل موجب اللفظ، فبقيت المرّة الثانية منه غير منطوق بها، فتبقى على الأصل غير معتبرة، فإنّ الأصل في الأشياء عدم الاعتبار في التّطهير؛ إذ الأصل أن لا يعتبر في التطهير وغيره إلّا ما وردت الشّريعة به»(١).
وقال ابن العربي: «مسألة الماء المستعمل إنما تنبني على أصل آخر، وهو أن الآلة إذا أدّي بها فرض، هل يؤدى بها فرض آخر أم لا؟ فمنع ذلك المخالف قياسًا على الرقبة إذا أدّى بها فرض عتق، لم يصلح أن يتكرر في أداء فرض آخر، وهذا باطل من القول، فإنّ العتق إذا أتى على الرّق أتلفه فلا يبقى محل لأداء الفرض بعتق آخر. ونظيره من الماء ما تلف على الأعضاء فإنه لا يصح أن يؤدى به فرض آخر؛