للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه: القول بالوجوب يتضمن المشروعية، وكل واجب فهو مشروع، وما سبق وهو مأخذ القائلين بالوجوب، وسبق في الآية الأولى ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣] بيان مأخذ القائلين بصرف الأمر إلى الاستحباب، وعليه فصلاة الجماعة لا خلاف في مشروعيتها، وهي دائرة بين الوجوب والنّدب.

وختامًا: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «لا ينبغي له أن يترك حضور المسجد إلا لعذر، كما دلّت على ذلك السنن والآثار» (١).

والصّلاة في المساجد من أكبر شعائر الدّين وعلاماته، وفي تركها بالكلّيّة أو في المسجد محو لآثار الصّلاة بحيث إنّه يفضي إلى تركها، ولو كان الواجب فعل الجماعة فقط، دون الفعل في المسجد لما جاز الجمع للمطر ونحوه، وترك الشّرط وهو لأجل السّنة، ومن تأمل الشّرع المطهر علم أن إتيان المسجد لها فرض عين إلّا لعذر (٢).

استدل بالآية من قال بوجوب حضور الجماعة على كل من سمع النداء، ولو بمكبر الصوت (٣).

مأخذ الحكم: أن الأمر في قوله: ﴿فَاسْعَوْا﴾ للوجوب وهو معلّق على شرط، وهو الأذان ليوم الجمعة، في قوله: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ﴾، والمقصود من النّداء هو إسماع غيرٍ؛ بدلالة قوله (من سمع النّداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر) (٤)، فيجري العام في قوله: ﴿نُودِيَ﴾ على عمومه، أي سواء كان السماع


(١) الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٤٩).
(٢) انظر: الصلاة وأحكام تاركها لابن القيم (١/ ١١٨).
(٣) هذه المسألة تبنى على قول من قال بأن صلاة الجماعة فرض عين على الرجال، وهم الحنابلة. ينظر: المغني (٢/ ١٣٠)، والإنصاف (٢/ ٢١٠).
(٤) أخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (٧٩٣)، وابن حبان في صحيحه (٥/ ٤١٥)، كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر الدال على أن هذا الأمر حتم لا ندب، برقم (٢٠٦٤)، والدارقطني في سننه (٢/ ٢٩٣)، كتاب الصلاة، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر، برقم (١٥٥٥)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٧٣) وقال: «وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه». وقال الألباني في إرواء الغليل (٢/ ٣٣٧): «وهو كما قالا».

<<  <   >  >>