أما الجمهور فجاز عندهم تخصيص هذه الأدلة بما تبث في السنة، كما في حديث ابن عباس ﵄ عند البخاري قوله (كان رسول الله ﷺ يجمع بين صلاة الظهر والعصر، إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء)(١) وغيرها من أحاديث.
ومن المسائل المتعلقة بالمسافر، وتستنبط من آيات المواقيت، ما نقل عن الحنفية أيضًا أنهم قالوا: إنّ المسافر إذا سافر بعد دخول الوقت جاز له قصر الصلاة.
ومأخذهم: أن المصلي أدّى الصّلاة في وقتها المحدد دون تفريط فهو ممتثل لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ وصلاة المسافر تمامها ركعتان.
أمّا الجمهور فقالوا: بل يصليها تامّة؛ لأنّه ﷾ قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ﴾ [الإسراء: ٧٨] فعلّق الوجوب بدلوك الشمس، فالأمر بإقامة الصلاة هو للوجوب؛ فإذا وجبت الصّلاة أوّل الوقت، وجبت تامّة، وأداؤها قصرًا لا يصحّ، ولا يسقط التّمام الثّابت في الذّمة.
ومن المسائل المتعلقة بصلاة المسافر، ما ذهب إليه الحنفية من عدم جواز الجمع بين الصلاتين في وقت أحدهما للمسافر؛ استدلالا بقوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾.
مأخذ الحكم: أن المولى ﷾ أوجب الصلاة في وقتها، وأمر بالمحافظة على ذلك.
(١) أخرجه البخاري في أبواب تقصير الصلاة، باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، برقم (١٠٥٦).