للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استدل العلماء بالآية الكريمة على تحريم استعمال جلد الميتة في الأواني، وبالآية على جواز ذلك.

مأخذ من حرم استعمال جلد الميتة: التحريم الوارد بصيغة العموم ﴿الْمَيْتَةُ﴾، فهو مفرد محلى بأل، أو داخل على اسم جنس فيعم أجزاء الميتة من لحم أو جلد، ويعم الأكل والاستعمال.

ووجه ذلك: أن الحكم المضاف للأعيان - كإضافة التحريم هنا إلى عين الميتة - لا يصح، لأن الأعيان أنفسها لا توصف بحظر ولا إباحة؛ لأنّ الحظر منع، والإباحة إطلاق، والأعيان الموجودة لا يصح المنع والإطلاق في عينها، بل تتعلق الأحكام بأفعال، والتحريم حكم شرعي متعلق بأفعال المكلفين، فلا بد من تقدير فعل للمكلف، فقالوا إن الظاهر هو تحريم التّصرف فقالوا بعموم المضمرات هنا، فقدروا لفظ «التّصرف «أو «الاستعمال «أو «فعلكم «ليشمل جميع أفعال المكلفين من أكل أو بيع، أو شرب، أو استعمال واقتناء، وهو من عموم المعاني. ومن التصرف والاستعمال اتخاذ جلد الميتة آنية.

مأخذ من أباح استعمال جلد الميتة: هو المأخذ السابق، إلا أنهم قصروا التحريم على الأكل، والأكل فعلٌ من أفعال المكلفين، والتّقدير: حرم عليكم أكل الميتة.

وقالوا إن الكلام عن العموم مفروض إذا لم يقم على تعيين أحد المقدّرات، وهنا قد دلّ العرف على أن المراد بتحريم الميتة، تحريم أكلها، وهو الّذي يسبق إلى الفهم من تحريم الميتة، ويدل عليه القرينة اللفظية في سياق الآيات كقوله تعالى: ﴿عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ وقوله ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ وقرينة خارجية، وهي قوله : (إنّما حرم من الميتة أكلها) (١).


(١) أخرجه الدارقطني في سننه (١/ ٥٨) برقم (١٠٠).

<<  <   >  >>