للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٥٩]

استُدل بالآية على جواز كشف الأمة رأسها في الصّلاة، حيث أمر الحرائر بأن ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ وعلل ذلك بقوله سبحانه: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ أي: لأجل أن يُعرف أنهن حرائر، ولسن إماء، فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى.

ومأخذ الحكم: مفهوم ما سبق، ومفهومه أن الإماء لهن إلقاء الجلابيب وكشف شعورهن ووجوههن مطلقًا، أي: داخل الصّلاة وخارجها.

ونوقش: بأن هذا المفهوم يصحّ لو صح تخصيص قوله ﴿وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بالحرائر، وتخصيصها بالحرائر ليس له دليل. والأصل دخول الإماء في الخطاب الموجه للحرائر.

ثمّ إنّ التعليل المذكور ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ يشمل الحرائر والإماء.

قال أبو حيان في تفسيره: «والظاهر أن قوله ﴿وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يشمل الحرائر والإماء، والفتنة بالإماء أكثر؛ لكثرة تصرُّفهن، بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح» (١).

وقد حمل العلماء قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ أي: أن يعرفن بأنّهن من العفائف المحصنات الطيبات، ويتميزن عن سمات الجاهلية، فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى.

ثمّ إنّه يلزم من المفهوم السابق، بحمل الآية على الحرائر دون الإماء، يلزم منه


(١) البحر المحيط (٨/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>