للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ والضّمير في قوله: ﴿أَمْسَكْنَ﴾ عامّ في جملة الجوارح، فيندرج فيه الكلب، فيجوز أكل موضع فمه عملًا بالظّاهر، ولم يرد أمرٌ بغسل ما مسه لعاب الكلب، وبنى عليه المالكية طهارة لعاب الكلب؛ إذ لو كان نجسًا لحرم الأكل حتى يغسل. ولهذا تكلم العلماء عن حكم غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب.

ومأخذ الحكم من الآية: لمّا لم يرد أمر بغسل ما مسّه لعاب الكلب فيما إذا صاد صيداً، فإنه يدل على طهارة لعابه؛ إذ لو كان نجسًا لبينّه الشّارع، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

تنبيه: للمالكية أجوبة على حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب، منها: ما ذكره ابن العربي حيث قال: «إذا جاء خبر الواحد معارضًا لقاعدة من قواعد الشّرع، هل يجوز العمل به أم لا؟ فقال أبو حنيفة: لا يجوز العمل به، وقال الشافعي: يجوز العمل به، وتردد مالك في المسألة»، ثم قال: «ومشهور قوله والذي عليه المعول أن الحديث إن عضدته قاعدة أخرى قال به، وإن كان وحده تركه»، ثم ذكر مسألة مالك في ولوغ الكلب، قال: «لأنّ الحديث عارض أصلين عظيمين، أحدهما: قول الله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤]، قال مالك: يؤكل صيده فكيف يكره لعابه!

الثاني: أن علَّة الطّهارة هي الحياة، وهي قائمة في الكلب» (١).

قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥]

استنبط العلماء من الآية: جواز استعمال آنية الكفار بالأكل والشّرب والطّبخ.

قال القرطبي: «ولا بأس بالأكل والشرب والطبخ في آنية الكفار كلهم، ما


(١) القبس في شرح موطأ مالك (١/ ٨١٢).

<<  <   >  >>