للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السّنة، ومبسوط في كتب التّفسير والفقه.

مأخذ الحكم: التوعد بالعذاب على التّرك، وهذا من خاصة الواجب؛ إذ لا يعاقب على ترك شيء إلا إذا كان واجبًا.

تنبيه: الآية محكمة، وأمّا القائلون بالنّسخ فباعتقاد عموم الإنفاق في جميعهما، والصّواب أن الواجب الإنفاق منها، ولم يرد إنفاق جميعها.

تنبيه آخر: قال القرطبي: «قال علماؤنا: ظاهر الآية تعليق الوعيد على من كنز ولا ينفق في سبيل الله ويتعرّض للواجب وغيره، غير أن صفة الكنز لا ينبغي أن تكون معتبرة، فإن من لم يكنز ومنع الإنفاق في سبيل الله، فلا بد وأن يكون كذلك، إلا أن الذي يخبأ تحت الأرض هو الذي يمنع إنفاقه في الواجبات عُرفًا؛ فلذلك خص الوعيد به. والله أعلم» (١). اه.

• الحكم الثاني: استدل قوم بالآية على وجوب زكاة الحلي.

ومأخذ الحكم: العموم الوارد في الآية، فيشمل عموم الذهب وعموم الفضة، وأيدّوا قولهم بما رُوي (أن امرأة أتت النبي ومعها ابنتها، وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال : «أتؤدين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال : «أيسرك أن يسورك الله ﷿ بسوارين من نار؟»، فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله ، فقالت: هما لله ولرسوله) (٢).

ومنع الشّافعي التمسك بعموم الآية في وجوب زكاة الحلي.

ومأخذه: أن العامّ إذا تضمن مدحًا أو ذمًا فلا يتمسك بعمومه، وقال بأنّ القصد إيجاب الذّم بالكنز دون العموم، أي: إنّ العموم لم يقع مقصودًا في الكل بل للذّم فقط. واللفظ إذا سبق لمعنى فلا يستدل به في غير ذلك المعنى؛ لأنّ المتكلم


(١) الجام لأحكام القرآن (٨/ ١٢٨).
(٢) أخرجه النسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (٢٤٧٩) قال الشيخ الألباني: حسن.

<<  <   >  >>