للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الموزعي: «قال كثير من أهل التفسير: هذا كان قبل أن تفرض الزكاة، فلما فرضت الزكاة بالآية التي في (براءة)، نسخت هذه الآية» (١).

والمقصود بآية براءة قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الدُّنْيَا .. ﴾ [التوبة: ٦٠]

قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾ [البقرة: ٢١٩]

استدل بالآية على تحريم الصدقة بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته، أو على منع أن يهب الرجل ماله بحيث لا يبقى له ما يكفيه.

مأخذ الحكم هو: أن السؤال معاد في الجواب، فكأنّه قيل لهم: أنفقوا ما فضل عن الأولاد، وهذا أحد تفاسير كلمة ﴿الْعَفْوَ﴾ وعليه كثير من العلماء، وحملوا الأمر - المقدّر- هنا على النّدب.

ومنهم من فسَّر ﴿الْعَفْوَ﴾ بأنّه الزكاة المفروضة، وهؤلاء ممن لا يرون في المال حق سوى الزكاة المفروضة.

تنبيه: السؤال في هذه الآية عن قدر الإنفاق، فجاء الجواب مطابقًا له، ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾.

وقيل في سبب نزولها: أن عمرو بن الجموح لما نزل قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ٢١٥] قال: كم أنفق؟ فنزل قوله ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾

قال القرطبي: «العفو: ما سهل وتيسر وفضل، ولم يشق على القلب


(١) تيسير البيان (١/ ٣٦٨).

<<  <   >  >>