للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن قدامة: «فصل: ويجوز أن يشتري من زكاته أسيراً مسلماً من أيدي المشركين؛ لأنه فك رقبته من الأسر، فهو كفك قيد العبد من الرِّق، ولأن فيه إعزازاً للدين، فهو كصرفه إلى المؤلفة قلوبهم، ولأنه بدفعه إلى الأسير في فكِّ رقبته فأشبه ما يدفعه إلى الغارم لفكِّ رقبته من الدَّين» (١).

• الحكم التاسع عشر: استدل بها بعض المعاصرين على جواز فكاك الشعوب المسلمة المحتلة من الكافرين (٢).

ومأخذ الحكم: النظر إلى المقصد والمعنى؛ إذ إن استرقاق الشعوب في عقائدها وأموالها وسلطانها وحرياتها أشدّ وأخطر من استرقاق الفرد في حريته. وإن شئت قلت بقياس الأولى.

جاء في فتيا الشيخ محمود شلتوت وبعد ذكره انقراض الرِّق قال: «ولكن حلَّ محلَّه الآن رقٌّ هو أشد خطراً منه على الإنسانية، ذلكم هو رق الشعوب في أفكارها، وأموالها، وسلطانها، وحريتها في بلادها .... فهو رقٌّ عام دائم، وهو أجدر وأحق بالعمل على التخلص منه، ورفع ذله عن الشعوب، لا بمال الصدقات فقط، بل بكل المال والأرواح» (٣).

نوقش: بأن احتلال الكافرين لبلاد المسلمين ليس داخلًا في دلالة لفظ الرقاب لغة ولا شرعًا (٤).

فالرقبة لغة وشرعاً تحمل على المعروف في العهد النبوي، وهو الرِّق الفردي، وهو الذي كان سائداً قبل الإسلام. وجاء الإسلام متشوفاً للتخلص منه، وألفاظ


(١) المغني (٩/ ٣٢١ - ٣٢٢).
(٢) ينظر: تفسير المنار (١٠/ ٥٩٨)، وفتاوى الشيخ محمود شلتوت (١١٨)، بواسطة كتاب نوازل الزكاة للغفيلي (٤٢٧).
(٣) فتاوى الشيخ محمود شلتوت (١١٨).
(٤) ينظر: فقه الزكاة للقرضاوي (٢/ ٦٦٤)، نوازل الزكاة (٤٢٨).

<<  <   >  >>