للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النجاسات؛ كدهن الخنزير، أو الكحول، كالصابون ونحوه (١).

ومأخذ الحكم: أن ما حرم لعينه؛ فإنّه نجس، والميتة والدّم والخنزير حرمت لعينها فهي نجسة، وقد نصّ الشّارع على تحريمها بقوله: ﴿حُرِّمَتْ﴾ وهي صيغة إخبار عن الحكم ثم أتى بصيغة العموم (أل) غير العهدية؛ ليشمل التحريم جميع وجوه الانتفاع من أكل وبيع واستعمال للتنظيف، وغير ذلك، فلا يجوز الانتفاع بالنّجاسة مطلقًا.

قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ الآية [المائدة: ٦]

استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن إزالة النجاسة ليست بواجبة.

مأخذ الحكم: لأنّه لم يذكر النجاسة في الآية وذكر الوضوء، فلو كانت إزالتها واجبة لكانت أوّل مبدوء به.

قال ابن الفرس: «وأما إزالة النجاسات فإن حكمها مأخوذ من موضع آخر، وليس يقتضي بيان حكم الوضوء بيان حكم شرائط الصلاة كلها، فإن الصلاة موقوفة إجماعاً على ستر العورة، ولا ذكر لها في هذه الآية، فكذلك هي موقوفة على طهارة البدن والثوب، ولم يكن السكوت عنهما مانعاً من اشتراط السكوت عنه في آخر الفعل» (٢) ..

والصّحيح: وجوب إزالة النجاسة استدلالًا بقصة صاحبي القبرين حيث قال : (إنّهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أمّا أحدهما فكان لا يستتر من البول


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٧٠)، وفتاوى المنار (١٦٣١)، وفتاوى ابن عثيمين (١/ ٢٥٤)، الفقه الميسر (٩/ ١٥)، فقه النوازل في العبادات للمشيقح (٦٦).
(٢) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩)، وبمثله قال ابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٥٨١).

<<  <   >  >>