للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشاطبي: « … فلذلك إذا قال الشارع في أمر واقع: «لا حرج فيه»؛ فلا يؤخذ منه حكم الإباحة، إذ قد يكون كذلك، وقد يكون مكروها، فإن المكروه بعد الوقوع لا حرج فيه؛ فليتفقد هذا في الأدلة» (١).

أمّا الدّم فلو كان واجبًا لبيّنه النّبي ؛ لأنّه وقت الحاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.

• الحكم الثالث عشر: أن المكي هل له متعة.

فذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا متعة له، وذهب الجمهور إلى أن له متعة.

ومأخذ الحكم: الخلاف في رجوع اسم الإشارة في قوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ فقال أبو حنيفة: إنّ الإشارة تعود إلى صحة التمتع المترتب عليه هذه الكفارة، فلا يصح لحاضري المسجد الحرام تمتع ولا قران.

ومأخذ الجمهور ظاهر عموم الآية، في قوله: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ﴾ و (من) من ألفاظ العموم - وأما اسم الإشارة فإنه يعود للدم وليس للتمتع كما سيأتي - فالآية لم تفرق بين المكي وغيره.

• الحكم الرابع عشر: أن المكي المتمتع لا هدي عليه عند الجمهور.

ومأخذ الحكم: رجوع اسم الإشارة في قوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ يرجع إلى الهدي، وجعلوا اللام في قوله: ﴿لِمَنْ﴾ بمعنى (على)، أي: وجوب الدّم على من لم يكن من أهل مكة، كما أن الجمهور يرون أن دم المتمتع دم جبران؛ لترك الإحرام بالحجّ من الميقات.

تنبيه: الحنفية كما سبق يرون أن المكر له لا مشقة له، ولا قران، فإنّ تمتع


(١) الموافقات (١/ ٢٣١).

<<  <   >  >>