للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مأخذ الحكم: يدل عليه نفي الحرج في الفعل - وقد سبق في حكم الطواف بين الصفا والمروة - ويؤكده جوازه ما ورد عن ابن عباس في سبب نزول الآية حيث قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في الموسم فنزلت: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ في مواسم الحج﴾ أخرجه البخاري (١).

• الحكم الثاني: وجوب الوقوف بعرفة، وهو ركن من أركان الحج باتفاق.

دلّ عليه قوله: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ ثم قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. وفيها دليل أن المولى قد أمرهم بالوقوف بعرفة قبل إفاضتهم منها.

وقال الموزعي: عن قوله: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ «وهذه الآية أصرح وأبين في الدّلالة على الوجوب من التي قبلها؛ فإنّ الله أمرنا بالإفاضة من حيث أفاض الناس، فأوجب الحصول في مكان ابتداء الإفاضة الذي يفيض منه النّاس، وهو عرفات» (٢).

مأخذ الحكم: هو الأمر الوارد بقوله: ﴿أَفِيضُوا﴾ وهو يقتضي الوجوب، والمراد بالإفاضة هنا: الإفاضة من عرفات، وهو قول جماهير المفسرين، بل حكى فيه الطبري الإجماع، ولم يخالف فيه إلّا الضّحاك، وهو محجوج بالإجماع، وكان الناس، وهم العرب ما خلا قريشًا تتجاوز المزدلفة، وتقف بعرفات، وتفيض منها.


(١) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾، برقم (٤٥١٩).
(٢) تيسير البيان (١/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>