للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الحكم الرابع: مشروعية الذّكر في المشعر الحرام، وهو أمر مجمع عليه.

قال الموزعي: «قال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام: جميع المزدلفة وذكر الله سبحانه يقع على التلبية والصلاة والمبيت، إن لم يصحبه ذكر؛ لأنّه من مناسك الحج، والمناسك ذكر؛ لأنّها انقياد وتسليم لله » (١).

ومأخذ الحكم الوارد في قوله: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ ودار الأمر هنا بحسب تفسير الذكر إلى واجب وهو الأصل، وذلك كالصلاة، والمبيت عند أكثر أهل العلم.

وأمّا التلبية: فهي مشروعة نطقًا ولا تختص بمكان دون مكان، إلّا أن أكثر أهل العلم على كونها سنة، وكذا الدعاء صبيحة يوم العيد بالمزدلفة قطعاً.

تنبيه: ورد الأمر بذكر الله أيضًا عند انقضاء المناسك بقوله: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ ونقل ابن عباس في سبب نزولها أن العرب كانت إذا قضت مناسكها، أقاموا بمنى يقوم الرجل فيقول: (اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة، عظيم القُبة، كثير المال، فأعطني مثل ما أعطيت لأبي فنزلت الآية، وأمروا بذكر الله عوضًا من ذلك) (٢)

وورد الذكر مقيدًا في أيام معدودات وسيأتي في الآية الآتية.

قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ [البقرة: ٢٠٣]

استدل بالآية على عدد من الأحكام:


(١) تيسير البيان (١/ ٣٥٦).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>