للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فائدة: الأسماء التي علق عليها الشارع أحكاماً - كالبيع علَّق عليه الحِلَّ - إذا لم يبين الشارع له لفظاً، فإنَّ المرجع فيها إلى العرف، وقد جرى العرف على جواز بيع المعاطاة.

قوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]

يستنبط من الآية الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: وجوب الإشهاد على البيع، على ما ذهب إليه بعض العلماء (١).

مأخذ الحكم: حمل الأمر في قوله ﴿وَأَشْهِدُوا﴾ على الوجوب، لعدم الصارف عندهم.

وذهب الجمهور إلى أن حكم الإشهاد على البيع هو الندب (٢)، وحكى بعضهم الإجماع على ذلك، وجعلوا من صوارف الأمر عن الوجوب إلى الندب القرائن الآتية:

الأولى: قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، فدلَّ سياق الإشهاد على الدين والبيع أن الرهن كاف في ذلك؛ لأجل الائتمان، فيكون الإشهاد دلالة على الحث، لا أنه واجب.

الثانية: فعل النبي حين اشترى فرساً من أعرابي ولم يشهد عليه (٣)، وفعله


(١) روي هذا القول عن بعض الصحابة كابن عباس، وابن عمر، وكذا بعض التابعين، وهو اختيار ابن حزم. ينظر: المغني لابن قدامة (٦/ ٣٨١)، والجامع لأحكام القرآن (٤/ ٤٥٨)، المحلى لابن حزم (٨/ ٨٠ و ٣٤٤ و ٣٥٠)، وتيسير البيان (٢/ ١٧٠)، وأحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٤١٦).
(٢) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٤٢)، والجامع لأحكام القرآن (٤/ ٤٥٩)، والمغني لابن قدامة (٦/ ٣٨١)، وتيسير البيان (٢/ ١٦٥).
(٣) وفي الحديث قوله للأعرابي: (بلى قد ابتعته منك) فطفق الأعرابي يقول: هلُمَّ شهيداً، فقال خزيمة بن ثابت أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي على خزيمة، فقال: (بم تشهد؟) فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل شهادة خزيمة شهادة رجلين.
أخرجه: أبو داود في كتاب الأقضية، باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به، برقم (٣٦٠٧)، والنسائي في كتاب البيوع، باب التسهيل في ترك الإشهاد على البيع، برقم (٤٦٤٧)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٢/ ٣٩٩)، وإرواء الغليل (٥/ ١٢٧)، برقم (١٢٨٦).

<<  <   >  >>