للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدلَّ على أنَّ الاختبار قبله .. » (١).

ومأخذ آخر: كون الاختبار واجبًا قبل دفع المال، ولا يتم إلَّا بالإذن لهم بالبيع والشراء، فدلَّ على مشروعية ذلك وجوازه؛ لأن ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب، وكل واجب فهو جائز.

قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].

يستنبط من الآية الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: اشتراط رضا المتعاقدين في صحة عقود المعاوضات المالية (٢)، وفساد بيع المكره (٣).

مأخذ الحكم:

أولاً: دلالة الاستثناء المنقطع في الآية؛ حيث إن ﴿إِلَّا﴾ بمعنى لكن، وهو استثناء من النفي (٤)، فيدلّ على جواز الأكل حال التراضي. والتقدير: إلَّا أن تكون تجارة عن تراض منكم فيكون الأكل جائزاً.

قال الرازي: «قوله: ﴿إِلَّا﴾ فيه وجهان: الأول: أنه استثناء منقطع؛ لأن التجارة عن تراض ليس من جنس أكل المال بالباطل، فكان ﴿إِلَّا﴾ ههنا بمعنى (بل)،


(١) المغني (٤/ ٣٥١).
(٢) ينظر: الإكليل (٢/ ٥٤٩)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٦٠).
(٣) ينظر: المجموع ٩/ ١٨٨، ومجموع فتاوى (٨/ ٥٠٤)، و (٢٩/ ٢٠٠).
(٤) قال ابن يعيش المفصل (٢/ ٨٠): «(لكن) لا يكون ما بعدها إلا مخالفاً لما قبلها، كما أن (إلا) في الاستثناء كذلك". وقال الغزالي في المستصفى (٢/ ١٦٩) عن الاستثناء المنقطع: " وقد تكلَّف قوم عن هذا كله جواباً، فقالوا: ليس هذا استثناء حقيقة بل هو مجاز، وهذا خلاف اللغة؛ فإن "إلا" في اللغة للاستثناء، والعرب تسمي هذا استثناء، ولكن تقول هو استثناء من غير الجنس».

<<  <   >  >>