للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليسير مال المَدين كلَّه، وكأن الله تعالى يقول لهم موبِّخاً ومُشَهِّراً بسوء صنيعهم: لقد بلغ بكم الأمر في استحلال أكل الربا أنكم تأكلونه أضعافاً مضاعفة، فلا تفعلوا ذلك (١).

الثانية: إنما خُصَّ الأضعاف المضاعفة بالذِّكر؛ لبيان حادثة واقعة، أي نزلت الآية بياناً لحكم حالة جرى التعامل بها وانتشر آنذاك، وما كان كذلك لا مفهوم له؛ لأن من موانع المفهوم كون المنطوق ذُكر لبيان الواقع.

قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ [النساء: ١٦٠ - ١٦١].

يستنبط من الآية: تحريم الربا.

مأخذ الحكم يتبين بالأساليب الآتية:

الأول: ورود الحكم في سياق بيان الظلم الذي فعلوه، واستحقوا به تحريم طيبات ما أحل الله لهم.

قال القرطبي: «كله تفسير للظلم الذي تعاطوه، وكذلك ما قبله من نقضهم الميثاق وما بعده» (٢).

الثاني: وصف الفعل بأنه ظلم من الأساليب الدالة على التحريم.

قال ابن القيم في مقام سرده للأساليب الدالة على التحريم: «أو وصفه بصفة ذم، مثل كونه ظلماً، أو بغياً، أو عدواناً» (٣).


(١) ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية (٣/ ٢٢٨)، والبحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٨٠)، والقرطبي (٥/ ٣١٠ - ٣١١)، والتحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (٤/ ٨٥ - ٨٦)
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٤).
(٣) بدائع الفوائد (٤/ ٥).

<<  <   >  >>