للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدحداح، قال: يا رسول الله إن لي حديقتين، فإن تصدقت بإحداهما فهل لي مثلاها في الجنَّة؟ قال: نعم»، وذكر القصة، ثمَّ قال الرازي: «إذا عرفت سبب نزول هذه الآية ظهر أن المراد بهذا القرض ما كان تبرعاً لا واجباً».

ثمَّ نقل القول الثاني: في حمل القرض على الإنفاق الواجب. والقول الثالث: في الحمل على الجميع، وقال بأنه الأقرب (١).

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣].

يستنبط من الآية الأحكام الآتية:

• الحكم الأول: مشروعية الرهن، وكونه مندوباً إليه، حال السفر وعدم وجود الكاتب (٢).

والرهن: مؤنثة،، وهو بيعٌ، دين بعين، يمكن استيفاء الدين أو بعضه من تلك الدين أو من بعضها.

مأخذ الحكم: الأمر بقوله: ﴿فَرِهَانٌ﴾، وهو مصدر مقرون بالفاء في محل الجزاء، والمعنى: ارهنوا رهناً، وصُرِف الأمر من الإيجاب إلى الندب بالإجماع.

قال ابن قدامة: «والرهن غير واجب، لا نعلم فيه مخالفاً … وقوله: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ إرشاد لنا لا إيجاب، بدليل قوله: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]» (٣).

كما أن الرهن بدل الكتابة والشهادة - وهما غير واجبين - والبدل يأخذ حكم المبدل منه.


(١) ينظر: التفسير الكبير (٢/ ٤٩٩)
(٢) ينظر: الإكليل (١/ ٤٥٦)، وتيسير البيان (٢/ ١٦٦، ١٨٦)، وأحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٤٣٧).
(٣) المغني (٨/ ٤٤٤).

<<  <   >  >>