للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غسل باطن العينين؛ لأنه ليس من الوجه، إذ لا يقع به المواجهة» (١).

ومأخذ الحكم هو أنّ النبي أحال السائل إلى كتاب الله فقال: (توضأ كما أمر الله)، فدَّل على أن غيره ليس بواجب.

تنبيه: ذهب آخرون إلى اعتبار بعضها من السنن، وبعضها من الفروض، وبعضها من الشروط، استدلالاً بأدلة أخرى خارجة عن الآية.

قال ابن الفرس: «وقد استنبط من أوجب المضمضة والاستنشاق من قوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ وأنهما فرض علينا؛ لأن قوله تعالى ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ عموم، ومن اغتسل ولم يتمضمض إنما هو مطهر لبعض جسده، وعموم الآية يقتضي تطهر الجميع، وهذا باطل؛ لأن الله تعالى لم يذكر موضع الطهارة أصلاً بلفظ يقتضي عموم البدن، ولا بلفظ يخالفه، وإنما قال: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ وليس فيه ما يوجب خصوصاً أو عموماً» (٢).

• الحكم الخامس: اشتراط النّية.

مأخذ الحكم: مفهوم قوله ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ أي: أردتم القيام مما يدل على أن الوضوء يراد للصّلاة، وأنّه شرط في صحتها، والإرادة هي النّية.

قال القرطبي: «احتج علماؤنا وبعض الشافعية بقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ فلما وجب فعل الغسل كانت النية شرطا في صحة الفعل؛ لأن الفرض من قبل الله تعالى، فينبغي أن يجب فعل ما أمر الله به، فإذا قلنا: إن النية لا تجب عليه لم يجب عليه القصد إلى فعل ما أمره الله تعالى، ومعلوم أن


(١) الإكليل (٢/ ٦٢٤ - ٦٢٥).
(٢) انظر: المغني (١/ ٣٣ - ١٥٤) .... والمجموع (١/ ٣٦٢، ٣٨٥).

<<  <   >  >>