للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه أنه معروف، ويستوي فيه المتقي وغيره» (١).

قلت: لعله نظر إلى أن المعروف يقع في الغالب على الزائد المتفضل من الأعمال، كقولهم: «اصنع معروفًا، واحمل عني».

لكن العلماء لم يسلموا دلالة المعروف هنا على الندب؛ لأن المعروف معناه هنا العدل الذي لا شطط فيه، لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ولا خلاف في وجوب الرزق والكسوة.

وذكر المعروف هنا ليؤكد وجوب الوصية، إذا كان جميع أوامر الله معروفًا غير منكر، فضد المعروف المنكر، وما ليس بمعروف منكر.

ومن قال بالندب أكدوه بتقييد الشارع الحق بالمتقين ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ والواجبات لجميع الناس، ولا يختص المتقون فيها عن غيرهم.

وأجيب: بأنّه للتأكيد.

• الحكم الثاني: تستحب الوصية للأقربين من غير الورثة (٢).

مأخذ الحكم: أن الواجب إذا نسخ بقي الاستحباب، ذكره الموزعي في تيسير البيان (٣)، وهذا على القول بكون الآية منسوخة.

وأما تأكيد الاستحباب من خارج الآية؛ فلأن أكثر الصحابة لم ينقل عنهم وصية، أي تركت من غير نكير، ولو كانت واجبة لأنكر على تاركه.

كما أنها عطية، لا تجب في الحياة، فلا تجب بعد الموت، كعطية الأحياء.


(١) ينظر: أحكام القرآن (١/ ١٧٨).
(٢) ينظر: الإكليل (١/ ٣٤١)، وأحكام القرآن لابن الفرس (١/ ١٧٧ - ١٧٨).
(٣) ينظر: تيسير البيان (١/ ٢١٩).

<<  <   >  >>