ومما يؤيد عدم تناول تحريم المشركات لأهل الكتاب قوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: ١] وغيرها من الآيات مما خالف ﷾ بين المشركين وأهل الكتاب.
يقول ابن قدامة:«وسائر آي القرآن يفصل بينهما»(١). ثم إن الاستدلال بعموم الآية على تحريم أهل الكتاب باعتبار أنّهم مشركون يقولون (عزير ابن الله) و (المسيح ابن الله) وكذا بعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠] معارض بخصوص الآية المحللة لنكاح أهل الكتاب، والخاص يجب تقديمه.
أو يقال إن عموم النصّ يقتضي حرمة نكاح جميع المشركات إلا أنه خص منهن الحرائر من الكتابيات بقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ وهن الحرائر، وبقيت الإماء منهن على ظاهر العموم.
ويؤيد عدم حل إماء أهل الكتاب، مفهوم الصفة في قوله تعالى: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ النساء: ٢٥ فإن لم تكن مؤمنة فلا يحل نكاحها.
الثاني: دلّ مفهوم الغاية في قوله: ﴿حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ على حل نكاح المشركات إن آمنّ وهو ظاهر.
قال الموزعي: " وأجاب الحنفية بأن المراد بالمحصنات العفائف، وقد فسره بذلك غيرُ ابنِ عمر ﵄. وبأن المفهوم ليس بدليل عندهم. وبأن التقييد للاستحباب؛ لأنها خيرٌ من الحُرَّة الكتابية، وقد أبيح نكاحها، وإن كانت دونها. وبأن الخطاب واردٌ على التغلييب، لا على التقييد، والغالب على الإماء الإسلام.