للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول التلمساني: «وذلك أن العرب كانت في الجاهلية تخلف الآباء في نسائهم، وإنما كانوا يخلفونهم في الوطء لا في العقد، لأنهم لم يكونوا يجدون عليهن عقداً، بل كانوا يأخذونهن بالإرث، ولذلك قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ النساء: ١٩ وأيضا فقد قال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ والفاحشة: الوطء لا العقد.» (١).

قلت: ويمكن هنا حمل لفظ النكاح على محتملاته من حقيقة ومجاز، وهذا مذهب المعممين، وعليه فتحرم على الابن زوجة الأب غير المدخول بها، وكذا التي وطؤها من غير عقد صحيح، أو من غير عقد أصلاً.

• الحكم الثالث: تحريم نكاح النساء المذكورات، على جهة الإجمال، وسيأتي تفصيل المحرمات، في الأحكام الآتية (٢).

مأخذ الحكم: ورود التحريم بلفظه الصريح ﴿حُرِّمَتْ﴾، وهو خبر عن الحكم، وهو نص صريح لا إجمال فيه.

قال ابن الفرس: « .... ومن لاحن العرب ومارس اللغة واطَّلع على عرف أهلها علم أنه لا يستراب في أن من قال: حرمت عليك الدار إنما يريد الدخول فيها خاصة، أو الطعام إنما يريد الأكل خاصة، أو النساء إنما يريد الجماع، وهذا صريح عندهم مقطوع به، فكيف يكون مجملا» (٣).

وسب الخلاف يرجع إلى إضافة التحريم لأعيان النساء، والتحريم المضاف إلى الأعيان يكون المراد منه تحريم ما يتعلق بالأعيان من أفعال، لأن الأعيان ليست


(١) مفتاح الوصول (٥١٧ - ٥١٨)، وينظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١١٧).
(٢) ينظر: الإكليل (٢/ ٥٣٤)، وتيسير البيان (٢/ ٣١٤).
(٣) أحكام القرآن (٢/ ١٢٤).

<<  <   >  >>