للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجيب: بأنها ليست بشهادة نفي، وإنما هي إخبار عن ظن غالب يستند إلى الاستقراء ممن هو أهل لذلك مطلع على لسان العرب (١).

وحمل بعضهم استعمال (الباء) للتبعيض على المجاز لقرائن ظاهرة في الأمثلة التي ذكروها، والأصل حمل اللفظ على حقيقته، حتى يقوم دليل المجاز.

وألزم القائلون بعدم التبعيض في (الباء) القائلين بالتبعيض بأية التّيمم في قوله: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ﴾ حيث إنّ المسح يكون لجميع الوجه لا بعضه باتفاق (٢).

وأجيب عنه: بأن المسح في الرأس أصلٌ، أمّا المسح في التيمم فهو بدل، والبدل يأخذ حكم المبدل منه، ولما كان المبدل منه غسلاً للوجه كاملًا كذلك يكون البدل مسحاً للوجه كاملًا.

وهناك مأخذ آخر وهو لمن قال بمسح بعض الرأس وهو: أن الحكم إذا علق على اسم، فإنه يكتفي بأول ذلك الاسم، وأقل ما ينطلق عليه. وقد علق المسح هنا بالرأس فلا يشترط الاستيعاب بل يكتفى ببعضه.

• الحكم الثاني عشر: أن مسح الراس يكون مرة واحدة.

اتفق الجميع على مشروعية مسح الرأس (٣)، وإنما الخلاف في مشروعية تكرار المسح.

فذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يسن تكرار المسح، بل الواجب مسح الراس مرة واحدة.

ومأخذه: هو المأخذ السابق فيما إذا عُلِّق الحكم على اسم، فإنه ينطلق على أقل ما يتعلق به، وعلى هذا فإن المسحة الواحدة يقع بها المسح المأمور به، ويسقط


(١) انظر: التحبير للمرداوي (٢/ ٦٧١).
(٢) انظر: المغني (١/ ١٧٦)، تيسير البيان للموزعي (٣/ ١٠٧)، أحكام القرآن لابن الفرس (٣/ ١٢١).
(٣) انظر: الإفصاح لابن هبيرة (١/ ٨٣)، والإشراف في مسائل الخلاف لابن نصر البغدادي (١/ ٨).

<<  <   >  >>