للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمياه: جمع ماء، وأصله موه؛ ولذا ظهرت الهاء في جمعه، وهو جنس يقع على القليل والكثير؛ إلّا أنّه جمع لاختلاف أنواعه باعتبار حكم الشّرع؛ فإنّ فيه ما ينهى عنه، وفيه ما يُكره.

قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] و [المائدة: ٦].

استدل بالآية الكريمة على عدد من الأحكام:

• الحكم الأول: من شروط التّيمم - كما سيأتي - عدم وجود الماء، ويدخل فيه كل ما يطلق عليه ماء.

مأخذ الحكم: ورود لفظ (ماء) في الآية نكرةً في سياق نفي، وهو يعم لغة كل ماء، والماء اسم جنسٍ، فيكون عمومه في الجنس، فيدخل فيه كل ماء قليلًا كان أو كثيرًا، وسواء كان ماءً من سماءٍ أو نهرٍ، أو عين عذب أو ملح.

قال الطّحاوي: «فإنّما أباح التّيمم عند عدم كل جزء من الماء؛ لأنّه لفظ منكر يتناول كل جزء منه سواء كان مخالطًا لغيره، أو منفردًا بنفسه، ولا يمتنع أحد أن يقول في نبيذ التّمر ماء، فلما كان كذلك وجب أن لا يجوز التيمم مع وجوده بالظّاهر» (١).

• الحكم الثاني: ذهب جمهور أهل العلم إلى تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجس.

ومن العلماء من جعل القسمة ثنائية: طهور، ونجس، استدلالًا بالآية، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) وعلى هذا التقسيم سارت الفتيا عند كثير


(١) أحكام القرآن (٢/ ٤٨٤).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٥)، (١٩/ ٢٣٦)، الإنصاف (١/ ٤٤).

<<  <   >  >>