للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأخذ الحكم: العموم في قوله: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾.

نوقش بما سبق في آية البقرة في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٨].

قال ابن الفرس عند هذه الآية: «فأما ما في النفس فالجمهور على أنَّ القصاص بينهما واجب؛ لعموم هذه الآية، وتأولوا آية البقرة على ما قد ذكرناه فيها» (١).

وقد ذكر في آية البقرة أنها وردت لما ورد في التعدي في القصاص في الجاهلية، حتى «كانوا إذا قَتل حرٌّ من القبيلة العزيزة حُراً من القبيلة المعزوزة، لم يُسلِّموه للقصاص، وبذلوا موضعه عبداً أو امرأةً … » (٢)، فنزلت الآية؛ لإبطال ما كانوا عليه.

قال الموزعي في آية البقرة: «يدل بطريق المفهوم على أن الحر لا يُقتل بالعبد، وأن الذكر لا يُقتل بالأنثى، ولكن عموم آية المائدة تقتضي أن يقتلا بهما، فهل نقضي بالمفهوم على العموم؟ أو نقضي بالعموم ويترك المفهوم؟ هذا محل نظر المجتهد، فحينئذ يفزع المجتهد إلى دلائل السنة والقياس والأصول والترجيحات عند التعارض» (٣)، ثم خاض فيها خوض المجتهدين وفصَّل أحكامها.

• الحكم الرابع: استحباب العفو عن القصاص (٤).

قال ابن قدامة: «أجمع أهل العلم على إجازة العفو عن القصاص، وأنه أفضل،


(١) أحكام القرآن (٢/ ٤٣٢)، وينظر: المغني (١١/ ٥٠٠)، والإكليل (٢/ ٦٤٠).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٣) تيسير البيان (١/ ٢٠٦).
(٤) ينظر: الإكليل (٢/ ٦٤٢).

<<  <   >  >>