للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأخذ الحكم: ذم الفعل، وتسميته بالفاحشة، وترتيب الحد عليه، وتشريع التوبة منه ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٥].

• الحكم الثاني: أن حد الزنا الإمساك في البيوت حتى الموت أو الأذى.

وهذا الحكم منسوخ، قال السيوطي: «الأكثرون على أنها والآية التي بعدها منسوخة بآية الجلد من سورة النور» (١).

وقال ابن قدامة: «وكان حد الزنا في صدر الإسلام الحبس للثيب، والأذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر» (٢).

مأخذ الحكم: الأمر في قوله: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ وقوله: ﴿فَآذُوهُمَا﴾.

وقيل: إن الآية زال حكمها لا بالنسخ، بل لانتهاء الغاية؛ إذ قيَّد سبحانه الحكم السابق بغاية، وهي: ﴿حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾، وقد جعل الله لهن سبيلا، كما في حديث عبادة: (خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة، ثم رجم بالحجارة، والبكر جلد مائة، ثم نفي سنة) (٣).

قال الموزعي: «الصواب أنها ليست بمنسوخة؛ لأن النسخ لا يكون إلا بعد استقرار حكم متقدِّم، وهذه الآية لم يبين الله فيها حكما، وإنما وعد عباده ببيان الحكم في الوقت الذي يريده، وأمرهم بإمساك الزواني؛ حفظا لهم من الزنا؛ وانتظاراً لوعده وقضائه، ثم منَّ الله على عباده ببيانه، وشرعه في الوقت الذي أراده، فهذا بيان لا نسخ» (٤).


(١) الإكليل (٢/ ٥٢١).
(٢) المغني (٢/ ٣٠٧).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الحدود، باب حد الزنى، برقم (١٦٩٠).
(٤) تيسير البيان (٢/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>