للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومأخذ كون النوم ناقضاً: ما قدَّره العلماء في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ حيث إنهم قدَّروا: (إذا قمتم إلى الصلاة وقد نمتم) (١) باعتبار أن المقدَّر عندهم كالمذكور.

قال ابن الفرس مؤيداً هذا التقدير، ومقدِّمًا إيّاه على تقدير (إذا قمتم محدثين) فقال: «لأنّ الأحداث مذكورة بعد هذا فأغنى ذلك عن ذكره، وأمّا النّوم فلم يقع له ذكر، وليس بحدث، وإنّما هو سبب للحدث على الأصح في ذلك، فحمل الكلام على زيادة فائدة أولى من حمله على التكرار بغير فائدة، فبهذا رجح جماعة من أهل العلم هذا القول» (٢).

وأشار بعض العلماء إلى سبب تقدير النوم، وهو بالنظر إلى سبب نزول الآية، حيث: «إن النبي استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾» (٣).

قلت: وذهب جمهور أهل العلم إلى أن المراد بالقيام هنا، القيام للصلاة، وليس من النوم، فهي عامة لمن قام من نوم أو غيره.

قال ابن عطية: «وجمهور أهل العلم أن معنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين، وليس في الآية على هذا تقديم ولا تأخير، بل يترتب في الآية حكم واجد الماء» (٤).

تنبيه: إن قلنا بأن الآية دلَّت على حكم النوم، فيدرج معه ما يكون في معناه


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٥٩)، تيسير البيان (٣/ ١٠٠)، الإكليل (٢/ ٦١٨).
(٢) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٥٥)، وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٤٨)، الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٨٢).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، برقم (٤٦٠٨).
(٤) المحرر الوجيز (٢/ ١٦١)

<<  <   >  >>