للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت أصل الحروب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوة، وأشد العدة، وحصون الفرسان، وبها يجال في الميدان، خصَّها بالذكر تشريفاً، وأقسم بغبارها تكريماً، فقال: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ [العاديات: ١] الآية، ولما كانت السِّهام من أنجع ما يتعاطى في الحروب والنكاية في العدو، وأقربها تناولاً للأرواح، خصَّها رسول الله بالذكر، والتنبيه عليها، ونظير هذا في التنزيل، ﴿وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ [البقرة: ٩٨]، ومثله كثير» (١).

مأخذ الحكم: أن العدة واجبة؛ لأن الله أمر بإعدادها وهي أن القوة لا تحصل إلا بالتدرب والمسابقة، فكانت المسابقة بها جائزة، وقد تكون واجبة.

قال ابن قدامة: بعد أن ذكر أن المسابقة بعوض لا تجوز إلَّا بين الخيل والإبل والرمي، قال: «واختصت هذه الثلاثة بتجويز العوض فيها؛ لأنها من آلات الحرب المأمور بتعلمها، وإحكامها، والتفوق فيها، وفي المسابقة بها مع العوض مبالغة في الاجتهاد في النهاية لها، والإحكام لها، وقد ورد الشرع بالأمر بها، والترغيب في فعلها» (٢). ثمَّ ذكر الآية.

قال تعالى: ﴿قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا﴾ [يوسف: ١٧].

استدل بها على جواز المسابقة بالأقدام والرمي بالسهام.

قال السيوطي: «فيه مشروعية المسابقة» (٣).

مأخذ الحكم: كون شرع من قبلنا شرعاً لنا؛ لأنهم أخبروا أباهم فأذن لهم، ولم


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٨/ ٣٩).
(٢) المغني (٩/ ٤٦٦).
(٣) الإكليل (٢/ ٨٧٠).

<<  <   >  >>