للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومأخذ الحكم من الآية الأولى ظاهر: حيث إنّه نهي مغيا بغايةٍ، والنّهي وارد في أوّل الآية بقوله: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾.

ومفهوم الغاية: أن الجنب إذا اغتسل حلّت له الصّلاة، وحلّ له اللبث في المسجد والمرور فيه.

والمقصود بعابر السبيل عند الجمهور: الخاطر المجتاز، ويوضحه سبب نزول الآية، وهو أن قومًا من الأنصار كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد، فإذا أصاب أحدهم الجنابة اضطر إلى المرور في المسجد، ثم أمرهم النبي أن يوجهوا بيوتهم عن المسجد (١)، وبقي الحكم أخذًا بعموم اللفظ دون سببه، فكان رخصة لغيرهم.

تنبيه: عاد الاستثناء في الآية إلى الأخير فقط، وهو الجنب ولم يعد للسكارى؛ لأنّ السكران ممنوع من دخول المسجد؛ إذا لا يؤمن تلويثه إياه وسيأتي في باب المساجد.

ومأخذ الحكم من الآية الثانية:

الأول: الأمر بقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.

الثاني: اقتران الحكم وهو الطهارة، بالوصف وهي الجنابة، دلالة على كون الجنابة علّةً وسببًا للطهارة. بدلالة الإيماء والتنبيه.

أو يقال: علق الأمر بشرط، والشرط هنا علة ثابتة وهي الجنابة، فيتكرر الأمر بتكررها اتفاقاً، فتكون الجنابة علة للتطهير.


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧/ ٥٧)، والسيوطي في الدر المنثور (٤/ ٤٥٣)، ورجح هذا السبب ابن كثير في تفسيره (٤/ ٦٥).

<<  <   >  >>