للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مأخذ الحكم: قلت لعل مأخذهم هو: أن النفي الداخل على الأسماء الشرعية يحمل على نفي الصحة، والله أعلم، وقد نفى الله الأيمان عنهم بقوله: ﴿إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾.

قال الرازي مبيِّناً الحكم عند الحنفية، ويتمسَّك الشافعي بالآية على خلاف قول الحنفية فقال: «به تمسك أبو حنيفة في أنَّ يمين الكافر لا يكون يميناً، وعند الشافعي يمينهم يمين، ومعنى هذه الآية عنده [أي: أبي حنفية]، أنهم لَمَّا لم يفوا بها، صارت أيمانهم كأنها ليست بأيمان، والدليل على أنَّ أيمانهم أيمان، أنه تعالى وصفها بالنكث في قوله: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ ولو لم يكن منعقداً، لما صحَّ وصفها بالنكث» (١).

قلت: ويؤيد مذهب الشافعي القراءاة ﴿لا إيمان لهم﴾.

قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: ٩١].

استدل بالآية بالأحكام الآتية:

• الحكم الأول: أن إضافة العهد ونحوه، كالميثاق إلى الله يعتبر يمينا، وتلزم الكفارة، إذا حنث.

مأخذ الحكم: سمَّاه الله أيماناً، ونهى نقضه.

ويؤيد كونه يميناً قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ٧٧].


(١) التفسير الكبير للرازي (٥/ ٥٣٥).

<<  <   >  >>