للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استدل بالآية على وجوب التحاكم إلى النبي فيما شجر بينهم مع التسليم لحكمه وقضائه.

قال ابن قدامة: «الأصل في القضاء ومشروعيته الكتاب والسنة والإجماع» (١)، وذكر الآية المذكورة ضمن أدلة المشروعية.

مأخذ الحكم: أن نفي الإيمان لا يكون إلا على ترك واجب، وقد علق في الآية على أمرين: التحاكم إليه والتسليم بالقضاء، والمعلق على أمرين لا يخرج المكلف من عهدتهما إلا إذا أتى بهما جميعاً.

والحكم عام: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ إذ سبب نزولها في مخاصمة الزبير بين العوام مع الأنصاري، فقضى النبي للزبير، فقال الأنصاري -غفر الله له- «أن كان ابن عمك»، فغضب النبيُّ ثم قال: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» (٢).

والعموم في الآية مستفاد من ضمير الجمع في قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿يُحَكِّمُوكَ﴾ ويعمُّ جميع شؤونهم لعموم قوله: ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾، و «ما» اسم موصول من ألفاظ العموم.

قال الرازي في الآية: «تصريح بأنه لا يحصل الايمان، إلا بأن يستعينوا بحكم النبي في كل ما اختلفوا فيه … » (٣).

وقال في قوله: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ﴾: «واعلم أن


(١) المغني (١٠/ ٣٢).
(٢) أخرجه البخاري، سورة النساء، باب ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾، برقم (٤٥٨٥)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب وجوب اتباعه ، برقم (٢٣٥٧).
(٣) التفسير الكبير للرازي (٤/ ١٢٨).

<<  <   >  >>