يفعل فعلاً فيحبط عمله كله ويكون كافراً مباح الذم وهو لا يشعر ولهذا ينبغي على العبد أن لا يتكلم بكلمة حتى يعلم معناها ومآلها إلى رضوان من الله أو سخط منه سبحانه ولذلك حرم الله علينا أن نقول عليه ما لا نعلم.
قال ابن القيم: وأما "القول على الله بغير علم" ... فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر وعليه أمست البدع والضلالات فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم ...
وأصل الشرك والكفر: هو القول على الله بلا علم. فإن المشرك يزعم أن من اتخذه معبوداً من دون الله يقربه إلى الله، ويشفع له عنده ويقضي حاجته بواسطته كما تكون الوسائط عند الملوك. فكل مشرك قائل على الله بلا علم دون العكس. إذ القول على الله بلا علم قد يتضمن التعطيل والابتداع في دين الله فهو أعم من الشرك، والشرك فرد من أفراده ....
فذنوب أهل البدع كلها داخلة تحت هذا الجنس فلا تتحقق التوبة منه إلا بالتوبة من البدع، وأنى بالتوبة منها. لمن لم يعلم أنها بدعة أو يظنها سنة فهو يدعو إليها ويحض عليها، فلا تنكشف لهذا ذنوبه التي تجب عليه التوبة منها إلا بتضلعه من السنة وكثرة اطلاعه عليها ودوام البحث عنها والتفتيش عليها ولا ترى صاحب بدعة كذلك أبداً (١). ا. هـ.
وأخرج البخاري في صحيحه ... عن أبي هريرة سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول:"إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق" ... وعن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"
قال الحافظ: قوله (ما يتبين ما فيها) أي: لا يتطلب معناها أي: لا يثبتها بفكره ولا يتأملها حتى يتثبت فيها فلا يقولها إلا أن ظهرت المصلحة في القول .. وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يعرف القائل حسنها من قبحها قال: فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يعرف حسنه من قبحه، قلت: وهذا الذي يجري على قاعدة مقدمة