(٦) إن لنا أن ندرك أحوال مجتمعاتنا اليوم، وما وصلت إليه من ضعف وانعدام للمصداقية والضمير، وتهافت على المادة ـ إلا ما رحم ربي ـ جراء ما وصلت إليه شعوبنا من أحوال اقتصادية رديئة، كل ذلك وغيره يجعل استيعاب أمثال هذه النساء المطلقات من مثل هذا الزواج وكذا أولادهن، أمراً صعباً وشاقاً للغاية، فما ذنب المرأة ومن تعول أن يرميها زوجها، دون ما ذنب لها في مجتمعٍ لا يرحم؟ لتظل مرهونة بعوامل الضعف من الفقر، والقهر، والتعرض للانحلال والفساد والإفساد، وقد رأينا العديد من هذه الضحايا في المجتمع؛ إن وضع المرأة اليوم قد تغير، وما عادت مجتمعات اليوم تستوعب مثل هذه الإفرازات، لقد أصبح الطلاق بالنسبة للمرأة عبارة عن إعدام لحياتها الزوجية، ونادراً ما يتقدم إنسان لخطبتها مرة أخرى، وعليها بعد ذلك أن تتحمل أعباء الحياة وقساوتها، بكل ما تحمل من تخوف على كرامتها وعفتها، والتي حفظتها لها الشريعة عبر الأزمان.
وعليه فإن القول بجواز هذا النوع من النكاح، لا يتواءم مع مقاصد الشرع الحنيف، وما عُلم من تكريمه للمرأة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله "(١) ناهيك عن ما ينتج من مفاسد محققة من وراء هذا النكاح، كما أظهرت الدراسات الميدانية، وما فيه من مقاصد وغايات، تتناقض مع مقاصد الشارع الحكيم في هذه الرابطة الإنسانية العظيمة، من إنشاء الأسفار بغرض السياحة الجنسية والاستمتاع، وتعطيل للإنجاب، ومنع التناسل، وما يجر وراءه من عداءات بين أفراد المجتمع الواحد خاصة، وبين الشعوب والمجتمعات عامة، وبخاصة عندما يصبح هذا النكاح ظاهرة مستفحلة في المجتمع، يجني من ورائها تلك المفاسد.
(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج من حديث جابر بن عبد الله، ٢/ ٧٢٤ برقم ١٢١٨، وأبي داوود في كتاب الحج ٢/ ٤٥٥ برقم ١٩٠٥، وابن ماجة في الحج أيضاً م ٢ ج ٣ صـ ٣٢١ برقم ٣٠٧٤، والبيهقي في السنن الكبرى في كتاب الحج ٥/ ١٠ برقم ٨٨٢٧.