للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول: تعريفه]

نستطيع تعريف النكاح غير الموثق، والذي اكتملت جميع أركانه وشروطه, بأنه نفس تعريف النكاح الصحيح السابق, في كونه عقدٌ يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح، أو تزويج، أو ترجمة؛ أو عقدٌ يفيد ملك المتعة قصداً. (١)

إذ لا فرق بينهما سوى عنصر التوثيق الذي سنته قوانين الأحوال الشخصية.

والتوثيق لا أثر له في قلب عين العقد, بل هو أمر طارئ في حياة الناس, تراعى فيه المصلحة.

[المطلب الثاني: لمحة تاريخية في توثيق العقود بالكتابة]

لم يكن المسلمون يوثقون عقود الأنكحة بالكتابة في السابق, بل كانوا يكتفون بالإشهاد عليها فحسب, لعدم الحاجة لذلك, ومع مرور الأيام وخراب الذمم, وما يستجده الناس في حياتهم من تأخير جزء من المهر, جاءت الحاجة للكتابة والتوثيق, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لم يكن الصحابة يكتبون صداقات لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر, بل يعجلون المهر, وإن أخروه فهو معروف, فلما صار الناس يتزوجون على مؤخر, والمدة تطول ويُنسى صاروا يكتبون المؤخر, وصار ذلك حجة في إثبات الصداق, وفي أنها زوجةً له" (٢)

واليوم صار هذا التوثيق لابد من المصادقة عليه لدى الجهة المختصة, حتى يكون معترفاً به رسمياً؛ نظراً لما جدَّ في واقع الناس من أمور، تجعل من التوثيق أمراً مهماً بالنسبة للزوج والزوجة على حد سواء، سواءً لإثبات الزوجية، في مواطن الحاجة (كالسفر أو عند الإنكار) أو لتحديد المهر المؤجل، والذي يُنسى بمرور الزمن؛ ولأي كان فإن التوثيق أصبح اليوم من الأمور التي لاغنى عنها.


(١) انظر المطلب الثاني من الفصل الأول
(٢) مجموع الفتاوى ج ٣٣\ ١٥٨، شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن القاسم العاصمي النجدي الحنبلي.

<<  <   >  >>