للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

إن الزواج من أهم الروابط الاجتماعية، والتي لابد منها في حياة الإنسان، ليبقى النوع البشري والجنس الإنساني؛ وقد ميز الله تعالى الإنسان عن الحيوان بميزات عديدة، وكرمه بكرامات فريدة، أخرجه بها عن الحياة البهيمية، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (١) ولهذا فإن الذين يعيشون في هذه الحياة لإشباع الشهوات ونيل الرغبات فحسب، غير متقيدين بالقوانين الربانية، والتشريعات السماوية، هؤلاء يُخرجون أنفسهم عن هذا التكريم، ويأبون إلا أن يعيشوا الحياة البهيمية الحيوانية، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} (٢) وقد نظم الله تعالى رابطة الزواج نظاماً دقيقاً، ضمن الناس من خلالها اختلاط الأنساب، وظلم بعضهم بعضاً، وجعل الله تعالى اختراق هذا النظام الرباني جريمة يعاقب عليها الشرع، بما يسمى بالحدود الشرعية، حتى يتسنى لهذا الإنسان أن يعبد ربه وخالقه بعيداً عن تجاذب الشهوات والتصارع عليها، ومن ثم قيام الأسرة العفيفة والنظيفة عن الدخلاء، والأدعياء في أنسابهم وأحسابهم، ونحن نرى المجتمعات التي تفسخت أخلاقها، وانتشرت فيها الفاحشة، والرذيلة، مجتمعات متصارعة، تسودها الخيانة وعدم الثقة، وكل مجتمع تحايل أفراده على ذلك النظام الرباني المنيع، معرض للهلاك، والتصارع، ما لم يناد المصلحون، ويصحوا الغافلون، عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد انتشرت في زمننا هذا أنواع كثيرة من الأنكحة، واختلط فيها الصحيح بالباطل، حتى التبس على كثير

من الناس أمرها، فكان لزاماً على العلماء والدعاة تبيين أمرها للناس، وتمييز الصحيح النافع من الباطل الضار، وخاصة أن هذه الأنكحة تنتشر بشكل مخيف، وبسرعة كبيرة، وكان الأمثل أن نقوم أولاً بعرض سريع، لضوابط وقوانين النظام الرباني في هذه الرابطة المقدسة، وأهم ما يمكن أن يقال في هذه الرابطة العظيمة من تعريفات، وأحكام، وصور، وهذا ما سنتكلم عنه في هذا الفصل بإذن الله تعالى.


(١) سورة الإسراء الآية رقم ٧٠
(٢) سورة محمد الآية رقم ١٢

<<  <   >  >>