للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: أهمية النكاح وحكمه]

وتحته ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: أهمية النكاح وحكمته]

أولاً: أهمية النكاح

اقتضت حكمة الله تعالى أن يجعل الإنسانَ خليفته في الأرض, قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (١) وهذه الخلافةُ لا يمكن تحقيقها على وجه الاستدامة إلا ببقاء الجنس الإنساني؛ ولمّا كان ذلك متوقفاً على التناسل والتكاثر, كان ذلك دليلاً على أهمية التناسل لتحقيق تلك الخلافة؛ ولولا هذا التناسل لانقرض النوعُ البشري وفني الإنسان ولهذا عبر الفقهاء عنه بأنه إحدى الضروريات الخمس، المراعاةُ في كل ملة، والضروريات معناها أنه لابد منها في قيام مصالح الدين، والدنيا, بحيثُ إذا فُقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة, بل على فساد، وتهارج وفوت حياة, وفي الآخرة فوتُ النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين. (٢) لذلك جعله الله تعالى فطرةً بين البشر, يميل الرجلُ إلى المرأة والمرأةُ إلى الرجل, بفطرة فطر الله الجميع عليها, بل جعل ذلك الميلَ مصحوباً بشهوة، ورغبة عارمة لكلا النوعين, الرجلُ والمرأة؛ وما ذلك إلا ليكون طريق بقاء الجنس الإنساني وسيلةً سهلة ميسورة على بني البشر, بل مرغوبةً عندهم، ولنتأمل قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (٣)


(١) سورة البقرة الآية رقم ٣٠
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ١/ ٧, إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي أبي إسحاق تـ ٧٩٠ هـ، ط، دار الكتب العلمية, بيروت لبنان, تاريخ الطبع, ١٤٢٢ هـ ٢٠٠١ م.
(٣) سورة آل عمران الآية رقم ١٤

<<  <   >  >>