للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث قال: - صلى الله عليه وسلم - "حبب إلي من الدنيا النساء, والطيب, وجُعلت قرة عيني في الصلاة (١) "

وهذا التزيين والتحبيبُ, اللذان جعلهما الله تعالى بين الجنسين, يدل على رحمة الله ... تعالى لهذا الإنسان الضعيف, حيث جعل طريقَ التناسل وبقاء النوع الإنساني محبباً مزيناً لهم، ثم إن هذا الاستخلاف لا يمكن أن يتحقق على الوجه المطلوب إلا إذا كان هذا النسل منظماً ومبنياً على قوانين سماوية لا يتطرقُ إليها الخلل، وإلا فمجرد بقاء النسل يمكن تحقيقه بأي اتصال بين الرجل والمرأة، ولكنَّ مثلَ هذا النسل لا يمكنه تحقيقُ الهدف، والغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان؛ فالنسلُ المطلوب إذاً هو ذلك النسل الناتج عن اجتماع بين الجنسين، مباركٌ هذا الاجتماع بقوانين سماوية، وحكم ربانية وهو ما يسمى بـ (الزواج).

ثانياً: حكمة النكاح

الحفاظ على النسل إحدى الضروريات الخمس، التي قيل أنها مراعاةٌ في كل ملة، وبالنسل يمكن الحفاظُ على الدين, إذ لو انعدم النسلُ لانعدم التدين، والحفاظ عليه يكون من جانبين:

١) ما يقيم أركانه ويثبت قواعده, وهو ما يعبر عنه بالحفاظ عليه من جانب الوجود.

٢) ما يدرأ الاختلال الواقع أوالمتوقع عنه, وهو ما يعبر عنه بالحفاظ عليه من جانب العدم. (٢) فبالزواج تتحقق إقامةُ النسل، وتتثبت أركانه وقواعده، وهذا من الجانب الأول؛ وبالعشرة الحسنة للنساء، والصبر عليهن يتحقق الحفاظُ على النسل من الجانب الآخر؛ إذاً فالزواج طريق إلى حفظ مقصد ضروري من المقاصد الخمسة, ألا وهو بقاء النسل. وإذا تكلمنا عن حِكم النكاح, إنما نقصد الحِكم الناتجة عن النكاح الشرعي, إذ أن النكاح غير الشرعي, أو السفاح, لا حكم من ورائه, بل ينتج عنه أضرارٌ تحل محل تلك الحكم؛ وإن كنا لا نستطيع إحصاءً لتلك الحكم على سبيل الحصر, لكننا سنذكر أهمها على سبيل الإشارة، فمنها: ـ


(١) أخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٣٠٥ برقم ١٢٢٩٣, والبيهقي في السنن في كتاب النكاح ٧/ ١٢٥ برقم، ١٣٤٥٤، والنسائي في السنن كتاب عشرة النساء ٤/ ٧٤ برقم ٣٩٥٠، وأخرجه أيضاً الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه ٢/ ١٦٠، كلهم من حديث أنس بن مالك، وقال ابن حجر في تلخيص الحبير إسناده ... حسن م ٢/ ج ٣ صـ ١١٦.
(٢) الموافقات في أصول الشريعة ١/ ٧

<<  <   >  >>