للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: حكم النكاح بغير علم الولي]

لقد دار جدل واسع في المجتمع، حول شرعية هذا النكاح من عدمها، ورأينا أن الأكمل في بيان حكمه الشرعي، أن نسرد أقوال الفقهاء وأدلتهم، ثم نناقش تلك الأدلة، لنخرج برؤية واضحة، في بيان الراجح منها؛ وقد اختلف الفقهاء فيه على خمسة أقوال، نوجزها فيما يلي:

القول الأول: جواز تولي المرأة لعقد النكاح، وليس للأولياء الاعتراض، إلا إن وضعت نفسها، عند غير كفء، ما لم تكن عليها ولاية جنون، أو صغر، وعند أصحاب هذا القول، أن الولي مستحب فقط.

وبه قال أبو حنيفة، وزفر، وأبو يوسف (١) في آخر أقواله. (٢)

القول الثاني: جواز أن تتولى العقد إن كانت دنيئة، وعدم جواز ذلك إن كانت شريفة. ... وبه قال الإمام مالك. (٣)

القول الثالث: جواز أن تتولى المرأة عقد النكاح، ولكن بشرط أن يأذن لها وليها. ... وبه قال أبو (٤) ثور. (٥)


(١) هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف: صاحب الامام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه. كان فقيها علامة، من حفاظ الحديث. ولد بالكوفة، سنة ١١٣ هـ. وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة، فغلب عليه " الرأي " وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد. ومات في خلافته، ببغداد، وهو على القضاء. وهو أول من دعي " قاضي القضاة " ويقال له: قاضي قضاة الدنيا! ، وأول من وضع الكتب في أصول الفقه، على مذهب أبي حنيفة. وكان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب. من كتبه " الخراج - ط " و " الآثار - ط " وهو مسند أبي حنيفة، و " النوادر " و " اختلاف الأمصار " و " أدب القاضي " و " الامالي في الفقه. توفي سنة ١٨٢ هـ. الأعلام للزركلي - (ج ٨ / ص ١٩٣) ط، دار العلم للملايين، بيروت لبنان، الطبعة السادسة، تأريخ الطبع، ١٩٨٤ م، وانظر طبقات الحفاظ ١/ ١٣٦ برقم ٢٦٠.
(٢) انظر المبسوط للسرخسي م ٣، ج ٥ /صـ ١٠، وانظر بدائع الصنائع للكاساني ٢/ ٥١٣.
(٣) انظر المدونة الكبرى ٢/ ١٦٦، ١٧٠.
(٤) هو إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه أحد الأعلام، تفقه وسمع من ابن عيينة وغيره، وبرع في العلم ولم يقلد أحداً، الإمام، مفتي العراق، لقبه أبو ثور، ويكنى بأبي عبدالله، كان يتفقه أولاً بالرأي، ويذهب إلى قول العراقيين، حتى قدم الشافعي فاختلف إليه، ورجع عن الرأي إلى الحديث، قال عنه ابن حبان: كان أحد أئمة الدنيا فقهاً، وعلماً، وورعاً، وفضلاً، صنف الكتب، وفرع على السنن، وذب عنها رحمه الله تعالى. ولد في حدود سنة ١٧٠ هـ، وتوفي سنة ٢٤٠ هـ. انظر سير أعلام النبلاء للذهبي ١٢/ ٧٢، وما بعدها، ط، مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، تأريخ الطبع، ١٤٠٩ هـ ـ ١٩٨٨ م.
(٥) انظر الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي، وهو شرح مختصر المزني، ٩/ ٣٨.

<<  <   >  >>