للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: أسباب انتشار النكاح بغير علم الولي]

من الطبيعي أن نجد أسباباً لأي ظاهرة في المجتمع، إذ أن الظاهرة هي نتيجةً لأسباب وعوامل عديدة، تظافرت جميعها لتشكل في النهاية ظاهرة، ونستطيع أن نبين بعض هذه الأسباب التي أدت إلى انتشار هذا النوع من الأنكحة على سبيل الإيجاز، على النحو التالي:

١) الجهل: فإنه مما لا شك فيه أن الجهل داء عضال، وقد شبهه الله بالعمى، قال تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (١) وشبهه الله أيضاً بالظلمات فقال تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (٢) فالجهل بأحكام الدين عامة، وأحكام الزواج خاصة، أدى إلى ظهور هذه الظاهرة، وسرعة انتشارها بين الشباب، حتى أصبح البعض يعتقد أموراً محرمة في الدين، حلالاً جهلاً منه بأمور دينه، وخاصة في زمننا هذا، حين انصرف المسلمون ـ إلا ما رحم الله ـ عن دينهم، وأقبلوا على دنياهم، فالله المستعان.

٢) ضعف الإيمان: قد يعلم البعض حرمة هذا الزواج، ولكنَّ علمه هذا وإيمانه لا يحجزانه، عن الوقوع في المحضور، وخاصة إذا كانت، نار الشهوة قد تأججت، والطريق إلى المعصية قد تعبدت، وهذا ما تعاني منه أمتنا اليوم، ونحن هنا نعني بضعف الإيمان ما يعبر عنه أحياناً، بضعف الوازع الديني، وانعدام الضمير، وغيرها، إذ أن ضعف الإيمان هو السبب الرئيسي لانحطاط وتخلف المسلمين اليوم.

٣) ضعف رقابة الأسرة: وخاصة الأبوين، وهذا يعد من أهم أسباب انتشار الزواج العرفي، وكذلك السري، فأين رقابة الأب والأم، على فلذات أكبادهم؟ وقد جعلهما الشارع الحكيم، مسؤلَين عن أبنائهما، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (٣). وقال


(١) سورة الرعد الآية رقم ١٩
(٢) سورة النور الآية رقم ٤٠
(٣) سورة التحريم الآية رقم ٦.

<<  <   >  >>