قوله: فإن قيل: الستر لا يختص وجوبه بالصلاة، فوجب ألا يكون شرطًا فيها كالنظر إلى المحرمات- فجوابه: أنا لا نسلم أنه لا يختص بالصلاة: أما على قولنا: إنه لا يجب في الخلوة، فظاهر، وأما على قولنا: إنه يجب في الخلوة، فهو يجوز في حال دخول الخلاء وحلق العانة ونحو ذلك، وبه يظهر أنه يختص بالصلاة. انتهى كلامه.
وهذا البحث الذي ذكره عجيب: فأما دعواه أن اختصاصها بالصلاة واضح إذا لم نوجب الستر في الخلوة فذهول عن وجوب الستر بين الناس، وأما دعواه الاختصاص- أيضًا- مع القول بإيجاب ذلك، فأغرب، فإن الوجوب كما هو ثابت في حال الصلاة فهو ثابت- أيضًا- في الخلوة عند عدم الحاجة وبين الناس مطلقًا، فأين الاختصاص؟!
قوله: ويكفي المتخذ من الجلود والرقوق والخرق والورق المصنوع والمخلوف والليف، وما لا يلبس أصلًا كالماء الكدر والطين والتراب والدنان الضيقة الرأس والحفرة في الأرض، لأن ذلك يستر البشرة، وهو كذلك عند الأصحاب إلا الماوردي، فإنه قال: إذا قلنا بوجوب الستر في الخلوة، فهل يجوز أن ينزل في ماء النهر والعين بغير مئزر؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، لأن الماء يقوم مقام التراب في ستر عورته.
والثاني: لا، لما روي أنه- عليه الصلاة والسلام- نهى أن ينزل بغير مئزر، وقال ((إن للماء لسكانا)).
وتعليل الوجه الأول يؤذن بأن محل الخلاف إذا كان الماء كدرًا. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من اتفاق الأصحاب على ذلك، وأنه لم يخالف إلا الماوردي في الماء الكدر- عجيب، فقد ذرك الروياني في ((البحر)) وجهين- أيضًا- وكذلك الشاشي في ((الحلية))، وزاد على ذلك فصحح بطلان الصلاة. ونقل في ((البحر)) - أيضًا- عن ابن أبي أحمد- يعني ابن القاص- أن الماء لا يكفي ولو كان