قوله: ويستحب صيام أيام البيض، لما روى أو داود عن ابن ملحان القتبي عن أبيه قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نصوم البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة))، والصحيح أن أيام البيض هي هذه، للخبر.
ثم قال ما نصه: وقيل: إنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، قاله في ((الحاوي))، ويعزى إلى الصيمري. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن تعبيره بـ ((القتبي)) تحريف، وإنما هو ((القيسي))، نسبة لـ ((عبد القيس))، وملحان. بكسر الميم وبالحاء المهملة.
الثاني: أن ما عزاه إلى الصيمري صحيح، فإنه قد حكى في ((شرح الكفاية)) وجهين، وصحح ما نسبه إليه، وأما نقله ذلك عن ((الحاوي)) فإنه لم يحكه وجهًا بالكلية، فضلًا عما يوهمه كلامه من الجزم به، بل إنما حكى الخلاف بين الناس، فقال في باب صيام عرفة: اختلف الناس فيها- يعني أيام البيض- هل كانت فرضًا ثم نسخت؟ ثم قال: واختلفوا في زمانها، فقال بعضهم: الثاني عشر وما يليه، وقال آخرون: الثالث عشر وما يليه. هذا لفظه، وقال قبل ذلك في رابع فصل من كتاب الصيام: اختلف الناس في شهر رمضان: هل كان ابتداء فرض الصيام، أو ناسخًا لصوم تقدمه؟ على مذهبين.
ثم قال: ولهم في الأيام البيض مذهبان. ثم حكى ما تقدم، والموقع للمصنف في هذا هو النووي، فإنه حكاه عنه في ((زيادات الروضة)) وغيرها.
قوله: ولا يجوز صوم يوم الشك، أي: تطوعًا مطلقًا أو تحريا لرمضان كما قال البندنيجي، لما روى أبو داود عن صلة- وهو ابن زفر- قال: كنا عند عمار ... إلى آخره.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الكلام يقتضي أن البندنيجي قال بتحريمه، سواء صامه تطوعًا أو