قوله:((ومن فعل ما يوجب نقض العهد)) ففيه قولان، أصحهما في المهذب وغيره: أنه يقتل في الحال.
ثم قال: وقولهم: ولكنه إذا بذل الجزية، فهل يعصم بها دمه؟ يظهر أن يقال: إنه يترتب على الأسير إذا بذلها، وقد ذكرنا فيه خلافًا في ((باب قتال المشركين))، فإن قلنا في الأسير: إنه يعصم دمه فهاهنا أولى، وإلا فوجهان.
فإن قلت: الذي يقتضيه كلام أبي الطيب، وابن الصباغ الجزم بعصمة دمه، لأنهما قالا فيما إذا امتنع الكل من بذل ما التزموه زائدًا على الدينار من ضيافة أنهم يقاتلون، فإذا قاتلوا فقد نقضوا العهد، فإن طلبوا بعد ذلك عقد الذمة وبذلوا قدر الدينار وجب قبوله، والكف عنهم.
قلت: يمكن حمل ذلك على ما إذا خرجوا عن قبضة الإمام بالقتال، فامتاروا عن الأسير، وما ذكرناه مفروض فيما إذا كانوا في قهره وقبضته. انتهى كلامه.
وهو يقتضي أنه لم يقف في المسألة على نقل صريح، والمسألة قد صرح بها الإمام في النهاية في ((كتاب السرقة))، وجزم بأنه يجب إجابته إلى ذلك، وفرضها فيمن هو في قهر الإمام، على عكس ما ادعاه المصنف، ونقله الرافعي أيضًا هناك عنه في أول الكلام على السارق وجزم به.