قوله:- يعني الشيخ- بهذه الأمثلة: إن التعزير يجب في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة. انتهى كلامه.
وقد علم منه أنه إن كان في المعصية حد أو كفارة، فلا تعزير فيها، لكنه يستنثى منه الجماع في نهار رمضان، فإنه يجب فيه التعزير مع الكفارة بالإجماع، كذا رأيته في ((شرح السنة)) للبغوي في الكلام على حديث الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان، وعبر بقوله: أجمعت عليه الأمة وجزم به أيضًا ابن يونس صاحب ((التعجيز)) في شرح له، ورأيت للرافعي في شرح مسند الإمام الشافعي في الكلام على الحديث المذكور ما يقتضيه أيضًا، فإنه قال: واستدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز للإمام ترك التعزير إذا رآه، ووهم المصنف فذكر في كتاب الصيام ما حاصله أن التعزير لا يجب، وقد نبهت هناك على غلطه تنبيهًا مختصرًا، وأحلت إيضاحه على المذكور في هذا الباب، ومما يستثنى- أيضًا- جماع الزوجة حائضًا، وقلنا بوجوب الكفارة، فإنه يوجب- أيضًا- التعزير بلا خلاف، كما صرح به بعض الأصحاب، وقد ذكر الشيخ عز الدين في ((القواعد الكبرى)) مسألة لابد من استثنائها أيضًا، فقال: ولو رفعت صغائر الأولياء إلى الأئمة والحكام، لم يجز تعزيرهم عليها، بل تقال عثرتهم وتستر زلتهم، قال: وقد جهل أكثر الناس فزعموا أن الولاية تسقط بالصغيرة، ذكر ذلك في أوائل الفصل المعقود لبيان التسميع في العبادات، وهو نحو ثلث الكتاب، فإن قيل: يستثنى أيضًا يمين الغموس، فإن فيها الكفارة والتعزير، كما جزم به في ((المهذب))، وكذلك قتل المسلم إذا لم نوجب القود، كما إذا قتل الوالد ولده أو الحر العبد، فإن فيه التعزير، وإن كان فيه كفارة، كما نص عليه الشافعي في ((الأم))، وصرح به عنه ابن الصباغ في ((الشامل)). وغيره.
قلنا: أما الأول فالجواب عنه ما قاله الشيخ تقي الدين بن الصلاح في فتاويه، والشيخ عز الدين في ((القواعد)) أن في يمين الغموس جهتين، إحداهما الكذب، والأخرى انتهاكه للاسم المعظم، حيث أكد به الكذب، فالتعزير للكذب والكفارة للانتهاك.